بسم الله الرحمن الرحيم
من خلف الستار
كيف أصبح الجولاني عاملا أو عميلا ؟
في البداية دعونا نشهد الجولاني على نفسه ، فهو لم يكن قبل غزو العراق منتسبا لأي تنظيم جهادي أو حركة إسلامية ، بل كان شابا عاديا و يصلي في المسجد و يمتلك بعض الثقافة العامة المأخوذة من الصحف و المجلات و بعض المطالعة بحكم ميله إلى دراسة الصحافة إن هو نجح في امتحانات الثانوية ، و رغم فشله في تحصيل علامة مؤهلة إلا أن حبه للصحافة دفعه نحو التعليم الخاص و دفع المال لأجلها ، ثم بعد غزو العراق قرر ترك الدراسة و الالتحاق بركب النافرين إلى العراق شأنه شأن الآلاف من طلاب المعاهد و الجامعات ، و لسوء أو حسن حظه تم اعتقاله سريعا ليتعرف لاحقا على قيادة تنظيم الدولة في السجون التي تنقل بينها ، فنال إعجابهم و حصل على ثقتهم و أصبح عندهم محظيا بسبب ثقافته العامة و تقمصه قميص الجندي المطيع .
خرج الجولاني من السجن مع بداية الثورة السورية و مع اهتمام قيادة التنظيم بها تقرر إرساله إلى سوريا ليؤسس جبهة النصرة ، مما أتاح له التعرف على الكثير من أبناء القاعدة السوريين الذين شكلوا حينها كتلته الصلبة ، و مع إعلان البغدادي قيام الدولة الاسلامية في العراق و الشام أحس الجولاني بأنه في ورطة حقيقية بسبب خوفه الشديد من أن تستهدفه قوات التحالف الدولي باعتباره أمير التنظيم في الساحة السورية ، و لكنه استطاع الهروب من المأزق بانسلاخه عن تنظيم الدولة بعد أن التف حوله العديد من الكوادر السوريين القدامى الراغبين بفك ارتباطهم مع ساحة العراق ، ثم لم يلبث أن ارتبط بتنظيم القاعدة و قاتل جماعة الدولة التي أرسلته إلى سوريا ، و بعد إعلان قوات التحالف الحرب على جماعة الدولة استشعر الجولاني خطر التصنيف ، و راح يبحث عن كيفية حماية نفسه و الهروب من الموت ، فوجد ضالته بإعلان مشروع الاندماج بغية وضع الفصائل في سلته حتى يجد التحالف نفسه مضطرا لاستهداف كل قوى المعارضة إذا شملت حربه جبهة النصرة ، و مع فشل مشروع الاندماج و توريط الفصائل اضطر الجولاني لفك ارتباطه بالقاعدة للنجاة من التصنيف و تجنب مصير جماعة الدولة ، و بعد اجتماع أستانا بدا و كأنه سيكون ضحية لأي اتفاق تعقده الدول مع الفصائل التي حضرت الاجتماع ، و على مبدأ يا روح ما بعدك روح قام بخطوة استباقية تمثلت باستئصال الفصائل التي وقعت في فخ أستانة ، ثم قدم نفسه بديلا عنها باسم هيئة تحرير الشام ، و مد يده إلى الخارج كشخص يمكن الاتفاق معه على إدارة المحرر حسب رغبة الدول المعنية و في مقدمتها أميركا و تركيا اللتان تراقبان تصرفات الرجل عن كثب ، فوافقتا على الاستثمار فيه و استغلال طموحه ، فألزموه بعدة شروط مقابل الموافقة على فتح العلاقات معه دون الاعتراف به ، و الشروط كالتالي :
تطبيق اتفاقية أستانا ، تأمين الحدود مع النظام ، استقرار المنطقة و تعطيل الجبهات ، التخلص من تنظيم القاعدة ، محاربة الدواعش ، ضبط التنظيمات الجهادية ، بناء سجون تستوعب الجهاديين و الثوار الخارجين عن الدائرة المتفق عليها .
و بالمقابل يتم تقديم الدعم اللازم لتكريس هيمنته على المحرر ، إبقاء الفصائل المتبقية في حالة ضعف ، السماح له بتشكيل حكومة و إطلاق يده على الشعب ، باختصار جعلوا من المحرر سجنا كبيرا و أوكلوا حراسة هذا السجن للجولاني الذي قبض ثمن ذلك حالة الترف التي ترونه فيها .
التزم الجولاني بكل ما طلب منه و سمى وظيفته الجديدة حراسة السجن العظيم مشروعا يجب الحفاظ عليه ، نعم مشروع الحفاظ على الوظيفة ، و الواضح عندنا عدم قدرة الرجل على الإفصاح عن حقيقة مشروعه لأن جمهور الثورة و على رأسه حكومة الإنقاذ و الهيئة سيكتشفون الخديعة و أن الجولاني ألبسهما دورا وظيفيا لصالح أمريكا بدون أن يشعرا بذلك .
الأمريكان و بعد عدة لقاءات مع الجولاني ضغطوا عليه للإعلان عن مشروع تقسيم سوريا المتمثل بكانتون السجن العظيم ، و لكنه طلب منهم مهلة للقيام بذلك ، لأنه يعلم أن إعلانه بحاجة إلى خطوات و إلا سيضعه ذلك في مواجهة مع تركيا و مع جمهور الثورة و القوى الحية فيها و الأهم من ذلك معارضيه داخل هيئة تحرير الشام ، و بالاتفاق مع جهة ما تم وضع خطة تخلصه من كل الأعباء التي قد تواجه إعلانه الكانتون ، فقام أولا بجس نبض الشارع و مراقبة ردود الأفعال بعد تلفظه بجملة أصبح المشروع مشروع كانتون ، ثم حصن نفسه بالكثير الكثير من المنتفعين و أصحاب الولاءات ، ثم حاول دفع الخطر التركي بتوسيع السجن العظيم ليشمل الشمالي المحرر لكنه فشل في ذلك ، ثم عمل على شيطنة معارضيه داخل الهيئة ليبرر التهجم عليهم لاحقا ، ثم جهز تهم العمالة لشيطنة العسكريين و قادتهم المشكوك في ولائهم و أنهم سيخالفونه مستقبلا ، خصوصا و أن جلهم رفضوا في السابق القتال معه ضد الفصائل ، و لكن يأبى الله إلا أن يدافع عن الذين آمنوا و أن يفضح مخططه في ملف العمالة على العلن ، فأحرجه و حشره في الزاوية و أربك حساباته ، و وضعه في مواجهة مع الشارع الذي انتفض عليه بعدما
No comments:
Post a Comment